تعريف الهيدج وفكرته الأساسية
الهيدج، أو التحوط، أو التطويق، هو أسلوب تداول يهدف إلى الحد من تأثير تقلبات الأسعار على رأس المال، ويتم عن طريق فتح صفقتين متعاكستين في الاتجاه على نفس الأداة المالية وفي نفس الوقت، وغالبًا بنفس حجم العقد (اللوت).
على سبيل المثال، إذا فتح المتداول صفقة شراء وصفقة بيع متزامنتين على زوج EURUSD بنفس الحجم، فإن أي حركة سعرية، سواء كانت صعودًا أو هبوطًا، ستؤدي إلى تحقيق ربح في إحدى الصفقات وخسارة مساوية في الأخرى، وبذلك يبقى صافي التأثير على الحساب شبه معدوم.
أهمية الهيدج في إدارة رأس المال
يُستخدم الهيدج كأداة لإدارة رأس المال خاصة في أوقات الاضطراب أو عندما يغيب الوضوح عن اتجاه السوق.
فعند دخول صفقة واتضاح أن التحليل كان غير صحيح أو أن السوق يسير في اتجاه معاكس، يمكن فتح صفقة معاكسة لتجميد الخسارة ومنع تفاقمها، مما يمنح المتداول فرصة لإعادة تقييم الموقف.
كما يمكن تطبيقه لحماية الأرباح؛ فإذا وصلت الصفقة إلى مستوى ربح مُرضٍ، يمكن فتح صفقة معاكسة تمنع فقدان هذا الربح إذا تحرك السوق عكس الاتجاه المتوقع.
استخدامات الهيدج في الأسواق العالمية
التحوط لا يقتصر على سوق الفوركس للأفراد، بل يُستخدم على نطاق واسع من قبل الشركات الكبرى والمؤسسات المالية.
على سبيل المثال، شركات الطيران التي تعتمد على استقرار أسعار النفط قد تقوم بشراء عقود آجلة أو عقود فروقات على النفط إذا توقعت ارتفاع الأسعار بسبب ظروف سياسية أو اقتصادية. في حال ارتفاع سعر النفط، تحقق هذه العقود أرباحًا تعوض زيادة تكلفة الوقود، وإذا انخفض السعر، فإن انخفاض التكاليف التشغيلية للطائرات يعوّض أي خسائر في العقود.
بهذا الشكل، تضمن الشركة استقرارًا ماليًا وتستطيع التركيز على نشاطها الأساسي دون القلق من تقلبات أسعار الطاقة.
مخاطر وحدود الهيدج
رغم فوائده، فإن الهيدج ليس خاليًا من المخاطر، فهو يتطلب خبرة كبيرة في توقيت فتح الصفقات وإدارتها.
إذا استُخدم بشكل غير مدروس، قد يتحول إلى وسيلة لتجميد الخسائر دون القدرة على استردادها. كذلك، أرباحه غالبًا ما تكون محدودة مقارنة باستراتيجيات تداول أخرى، مما يجعله أقل جدوى للحسابات الصغيرة التي لا تتحمل تجميد رأس المال لفترات طويلة.
وفي حالة كانت الخسائر في الصفقة الأصلية كبيرة جدًا، قد يصبح التحوط عديم الجدوى، إذ يصعب تعويض هذه الخسائر حتى مع وجود صفقة معاكسة.
آلية عمل الهيدج في منصات التداول
عند فتح صفقة على أداة مالية يتم حجز هامش تأميني من الحساب. إذا تم فتح صفقة معاكسة بنفس الحجم على نفس الأداة، يُسترد الهامش لأن صافي المراكز يصبح صفرًا.
أما إذا كانت الصفقة المعاكسة أصغر حجمًا، فيتم حجز الهامش فقط على الفرق بين حجم العقدين، وليس على كامل حجم العقد.
أمثلة تطبيقية للهيدج في الفوركس
المثال الأول – الهيدج لتجميد الخسائر
- الوضع: متداول دخل صفقة شراء على زوج GBPUSD بحجم 1 لوت عند سعر 1.2500.
- المشكلة: بعد فتح الصفقة بدأ السعر بالانخفاض إلى 1.2450، وأظهرت المؤشرات احتمال استمرار الهبوط.
- التصرف: يفتح المتداول صفقة بيع بحجم 1 لوت على نفس الزوج عند السعر الحالي (1.2450).
- النتيجة: الخسارة تتوقف عند المستوى الحالي، إذ أن أي انخفاض إضافي في السعر سيزيد أرباح صفقة البيع ويعوض خسائر صفقة الشراء.
- الخروج: عند ملاحظة انعكاس الاتجاه إلى الصعود مرة أخرى، يغلق صفقة البيع ويترك صفقة الشراء لتستفيد من الصعود.
المثال الثاني – الهيدج لتثبيت الأرباح
- الوضع: متداول دخل صفقة بيع على زوج EURUSD عند 1.1000، وبعد ساعات هبط السعر إلى 1.0950، محققًا ربحًا جيدًا.
- التصرف: لعدم وضوح اتجاه السوق، يفتح صفقة شراء بنفس الحجم عند 1.0950.
- النتيجة: أي حركة صعودية من هذا السعر لن تقلل من الربح المحقق، وأي هبوط إضافي سيزيد من أرباح الصفقة الأصلية.
- الخروج: بعد وضوح اتجاه السوق، يغلق الصفقة الأقل ربحًا ويستمر بالصفقة الرابحة.
المثال الثالث – الهيدج الجزئي
- الوضع: متداول اشترى عقدين (2 لوت) من الذهب عند سعر 2000 دولار للأونصة.
- المشكلة: السعر بدأ بالانخفاض إلى 1985 دولار.
- التصرف: يفتح صفقة بيع بحجم 1 لوت فقط، ليحمي نصف مركزه من الخسارة.
- النتيجة: الخسارة تقل نسبيًا، مع إبقاء نصف الصفقة مفتوحًا للاستفادة في حال ارتفع السعر مجددًا.
خلاصة
الهيدج استراتيجية قوية لإدارة المخاطر إذا استُخدمت بعقلانية وخبرة، ويمكن أن تكون وسيلة فعّالة لتجميد الخسائر أو تثبيت الأرباح، لكنها تحتاج إلى تخطيط دقيق ومعرفة جيدة بتحركات السوق.